ضخمة هي مكتبة المواد الثقافية و الترفيهية التي يمكن لأيّ كان الوصول لها بضغطات قليلة على أيّ جهاز متصل بالشبكة. كما زادت هذه المواد عن اي وقت مضى و تنوعت فصرنا نجد الكتب و المقالات و المقاطع المسموعة و المرئية و الالعاب الالكترونية و الأفلام و المسلسلات و غيرهم مما لا يتسع المقام لذكره و عده. و نتيجة لسهولة الوصول اليهم صار اعتيادا ان تمر على الشخص عشرات منهم في اليوم الواحد ان لم تفق المئات. و رغم أن ذلك من الخير الذي أنقذنا من الاحتكار السابق لأنواع المعرفة و الترفيه في ايدي الطبقات الغنية و خاصة الخاصة و فتح لنا أبوابا ما كنا لنعرف وجودها البتة دونه، الاّ أنه هوى بنا من اين أفادنا. فكما أن وفرة الأكل غير محمودة العواقب لمن لا سيطرة له على شهيته فوفرة المصادر الثقافية و الترفيهية غير محمودة العواقب لمن لا قدرة له على اعمال عقله. و للوفرة العمياء مهالك توازي مهالك الشحّ و التقتير.
و قضي ان اكون ممن وقعوا في دوامة الاستهلاك المحض و وجدتني قضيت ساعات و ايام و أشهر. اشاهد و اقرأ و ألعب دون أن ينتج عقلي أيّ ذرة فكرة عن ما شهدت و قرأت و لعبت فكانت علاقة من طرف واحد يستفيد منها المنتوج فيأخذ مباشرة مالا مني و يقدمه لصانعه او يجعلني بيدقا اخر من ناشريه و ممن يزيدوا في رقم مشاهديه دون ان أستفيد شيئا من جهتي. و استمررت في ذالك الى ان اصابني الملل و شعرت بفراغ لم يشفه أي مادة جديدة.
ثمّ فكرت في الحال و ما أفعل فلم أجد حلا لخوائي الاّ أن أعوّد عقلي على النظر فيما يراه و لو كان ذلك بالقوة اوّلا و تحت وطأة الاجبار، اذ لسوء الحظّ و يال شعري كم تجتمع سوءات الحظ في الانسان، لي مشاكل سابقة مع ملكة الكتابة اذ هي تعاندني و تأبى أن تنزل في قلبي رضى عمّا أكتب فلا أستغرب ان يحاول عقلي ايهامي بأني أفكر و لي اراء و في الحقيقة لا تكون الاّ مجموعة كلمات ركيكة تصف سطحيا ما اشعر به عند استهلاكي لمادة معينة. فلتكن القوة اذن و لتكن الكتابة مخزن الفكر و الرأي و مهما احسست برداءة ما انتج سأذكر أن الطريق لا يبدء في منتهاه و انا ما زلت أخطو خطواتي الأولى. و هذه المدونة أين سأجمع ما أكتب بعيدا عن مواضيع التقنية ليكون العرض أفضل و أكثر ترتيبا. و آمل أن تعجبكم ~